الذهب يستغل تعثر الدولار من إغلاق حكومة أميركا ويتسلق لأعلى قمة في تاريخه

تسلل الذهب يوم الأربعاء إلى قمة جديدة عند 3888 دولاراً للأونصة، بعدما وجد في الاضطراب السياسي الأميركي أرضاً خصبة للصعود، مستفيداً من تراجع الدولار إلى أدنى مستوى له في أسبوع في ظل دخول الحكومة الفيدرالية في حالة إغلاق شامل.

وقد شكّل هذا الارتفاع حلقة جديدة في سلسلة مكاسب المعدن النفيس الذي اعتُبر دوماً الملاذ الآمن في أوقات الأزمات وعدم اليقين.

وفي هذه الأجواء المشحونة، عزز المعدن الأصفر موقعه كوجهة آمنة لرؤوس الأموال، إذ رأى المستثمرون في الأزمة السياسية الأميركية سبباً إضافياً لزيادة المراكز في الذهب تحسباً لأي تطورات مفاجئة.

ويرى محللون أن استمرار الجمود السياسي قد يفتح الطريق أمام مكاسب أكبر، خاصة في ظل الشكوك المتزايدة حول مستقبل قرارات الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة.

جاء الصعود القوي للذهب على خلفية الإغلاق الحكومي الخامس عشر منذ عام 1981، والذي اندلع نتيجة تعثر المفاوضات بين الكونغرس والبيت الأبيض بشأن قانون تمويل قصير الأجل.

ومع انقضاء المهلة الدستورية دون اتفاق، تعطلت آلاف العمليات الحكومية، وبدأت الأزمة في إلقاء ظلالها الثقيلة على الاقتصاد، لتدفع العملة الأميركية نحو التراجع وتزيد من إقبال المستثمرين على الذهب.

الإغلاق أجبر نحو 750 ألف موظف فيدرالي على إجازة إجبارية بتكلفة يومية تقارب 400 مليون دولار، ما أثار قلق الأسواق ليس فقط بسبب الخسائر المباشرة، بل أيضاً لما يحمله من تداعيات أعمق، فقد توقفت تقارير اقتصادية حيوية، أبرزها تقرير الوظائف لشهر سبتمبر الذي يعد مؤشراً رئيسياً لاتجاهات السياسة النقدية الأميركية، ووسط هذا الغياب للبيانات الرسمية، ارتفعت حالة الضبابية في الأسواق، لينعكس ذلك سريعاً على مؤشر الدولار الذي تراجع إلى مستوى 97.814 بعدما لامس 97.633، وهو الأدنى منذ أسبوع.

سياسياً، صعّد الرئيس دونالد ترامب من لهجته محذراً الديمقراطيين من أن الإغلاق قد يكون بداية لسلسلة من الإجراءات "غير القابلة للرجوع"، تشمل تقليص البرامج الحكومية وتسريح المزيد من الموظفين.

وقد رفض الديمقراطيون مشروع القانون الذي طرحه الجمهوريون لتمديد التمويل حتى نوفمبر، متمسكين بضرورة إرفاقه بتمديد مزايا الرعاية الصحية لملايين الأميركيين، بينما شدد الجمهوريون على أن هذه القضية يجب أن تعالج بشكل منفصل عن قانون التمويل.

ويأتي هذا التصلب في المواقف في سياق سياسي محتدم يسبق انتخابات منتصف 2026، التي ستحدد موازين القوى في الكونغرس خلال العامين الأخيرين من ولاية ترامب.

ورغم أن بعض المراقبين يرون أن التوصل إلى تسوية لا يزال ممكناً، فإن آخرين يحذرون من أن المشهد السياسي الأميركي بات أكثر استقطاباً من أي وقت مضى، وأن الإغلاق الحالي قد يطول أكثر من الإغلاقات السابقة، بما قد يضاعف انعكاساته على الاقتصاد والأسواق المالية، ويمنح الذهب مزيداً من الوقود لمواصلة رحلة الصعود.