هل بدأ الجنيه المصري يستعيد توازنه؟ تحليل لأسباب تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في عام

هل بدأ الجنيه المصري يستعيد توازنه؟ تحليل لأسباب تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في عام

التاريخ 2025-10-07 12:15:48
المصدر: تطبيق eDahab

الدولار يكسر حاجزًا جديدًا أمام الجنيه: 47.65 جنيهًا اليوم

سجل سعر الدولار الأمريكي اليوم نحو 47.65 جنيهًا مصريًا، في تراجع طفيف لكنه يُعد لافتًا عند المقارنة بسعره في نفس اليوم من العام الماضي، الذي بلغ حوالي 48.33 جنيهًا في 7 أكتوبر 2024 — ما يعكس تحسنًا نسبيًا للجنيه خلال سنة مليئة بالتقلبات الاقتصادية.

هذا الفارق، وإن بدا محدودًا، يُجسد عامًا كاملاً من الزوابع الاقتصادية والإصلاحات الكبرى التي مرّ بها الاقتصاد المصري، والتي أثرت في سعر الصرف ومكونات المشهد المالي برُمَّته.


رحلة الدولار مقابل الجنيه خلال عام من التيرات الدراماتيكية

البداية — استقرار نسبي وتناقضات في السوق الموازي

في أوائل العام 2024، كان السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار يظهر استقرارًا نسبيًا — حيث كان يُتداول رسميًا عند نحو 30.9 جنيهًا للدولار في بعض الفترات. لكن هذا الرقم لم يكن يعكس الواقع في السوق الموازي، حيث بلغ سعر الصرف في بعض الأحيان نحو 60 جنيهًا للدولار في السوق السوداء.

هذا الفارق بين السعر الرسمي والسوق الموازي كان دلالة على اختلال توازن العرض والطلب على العملات الأجنبية.

مارس 2024 — قرار التحرير وصدمات عاجلة

في مارس 2024، أعلن البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف، ورفعه إلى أن يُحدد بالتزامن مع قوى العرض والطلب في السوق. كما رافق هذا القرار رفعًا مفاجئًا لأسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس (6٪)، في واحدة من أكبر القفزات في تاريخ البلاد.

نتيجة لذلك، فقد الجنيه أكثر من 40٪ تقريبًا من قيمته في ساعات معدودة، إذ تجاوز سعر الدولار حاجز 50 جنيهًا في بعض البنوك ويوم التداول ذاته.

هذا القرار جاء في إطار التزام مصر باتفاق مع صندوق النقد الدولي لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، والسماح بتعويم الجنيه كجزء من الشروط المرفقة.

ما بين الاستقرار والتذبذُب خلال 2024 و2025

بعد التحول الكبير، دخل الدولار والجنيه في مرحلة من التذبذُب داخل نطاق تقريبي بين 47 و 49 جنيهًا تقريبًا خلال غالبية الأشهر التي تلت التحرير.

بلغ الدولار أقصى ارتفاع له في 2025 بنحو 51.63 جنيهًا للدولار في 9 أبريل 2025، بينما السقوط الأعمق خلال العام كان نحو 47.85 جنيهًا في الأول من أكتوبر 2025.

كما تُشير البيانات إلى أن الدولار مُنذ بداية 2025 قد خسر نحو 5.85٪ من قيمته مقابل الجنيه، ما يجعل السعر الحالي (47.65) قريبًا من أدنى مستوياته لهذا العام.


ما وراء التغيرات: عوامل رئيسية أسرّت التقلبات

تحرير سعر الصرف ودعم صندوق النقد

القرار الجريء بتحرير سعر الصرف كان محوريًا في تحديد الوجهة الجديدة للجنيه — وأُقر ضمن برنامج الإصلاح المتفق مع صندوق النقد الدولي.

بموجب شروط الاتفاق، يُفترض أن يتحرك الجنيه بشكل أكثر حرية أمام الصدمات الاقتصادية، ما يعني أن ارتفاعه أو هبوطه بات مرتبطًا مباشرة بعوامل العرض والطلب.

كما ساهمت الدفعات الجديدة من تمويل الصندوق في دعم الثقة واستقرار الأسواق.

سياسة الفائدة والضغوط التضخمية

في أعقاب التحرير، اضطر البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد لاحتواء التضخم وامتصاص السيولة الزائدة.

ومع مرور الوقت وتباطؤ معدلات التضخم، بدأ البنك يخفف هذه السياسة تدريجيًا، فقد خفّض الفائدة مؤخرًا بمقدار 100 نقطة أساس في أكتوبر 2025.

رفع الفائدة ساعد الجنيه على الصمود لأنه جعل العائد على الأصول المقومة به أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالدولار.

التدفقات الأجنبية والاستثمارات الضخمة

نجحت مصر في جذب استثمارات أجنبية كبيرة في مشاريع كبرى، من بينها مشروع رأس الحكمة على الساحل الشمالي، حيث تم الإعلان عن ضخ نحو 35 مليار دولار من الاستثمارات الإماراتية.

تلك الاستثمارات مثلت مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، ورفعت المعروض من الدولار في السوق المحلي مما خفّض الضغوط على الجنيه.

عودة الإيرادات الأجنبية وتحسين بنية المدفوعات

كما لعبت الإيرادات من قطاعات مثل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وقناة السويس دورًا رئيسيًا في تدعيم الاحتياطيات الأجنبية، مما عزز الثقة في الاقتصاد المحلي واستقرار العملة.


ما يمكن توقعه مستقبلاً

بينما يسود الترقّب لدى الخبراء والمواطنين على حدّ سواء، هناك عدة عوامل ستحدد اتجاه سعر الدولار في المرحلة القادمة:

  • استمرار تباطؤ التضخم وتحسن القوة الشرائية للجنيه.
  • الحفاظ على تدفّقات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية والمشروعات الكبرى.
  • سياسات البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة ومدى توازنها بين دعم النمو واستقرار العملة.
  • التطورات الجيوسياسية وأسعار الطاقة عالميًا.
  • مدى التزام الحكومة بمواصلة الإصلاحات الهيكلية التي تُعزز ثقة المستثمرين.

يُجمع المحللون على أن الجنيه المصري يدخل مرحلة أكثر استقرارًا مقارنة بعامٍ مضى، مدعومًا بتحسن الموارد الدولارية وتراجع حدة التضخم. إلا أن الحفاظ على هذا المسار يتطلب استمرارية في الإصلاحات الاقتصادية والانضباط المالي خلال الأشهر المقبلة.

حمل تطبيق eDahab

ابق على اطلاع بآخر أسعار الذهب والعملات على جهازك المحمول.

Download eDahab from play store Download eDahab from app store