
الإغلاق الحكومي الأميركي.. من الأزمة المحلية إلى التحدي العالمي
دخل الإغلاق الحكومي الأميركي في الرابع من أكتوبر 2025 يومه الرابع، وهو يعكس هشاشة الاقتصاد الأميركي أمام التعطيلات المفاجئة التي تتسبب بخسائر فورية وتداعيات طويلة الأمد. بدأ الإغلاق بالأول من أكتوبر بسبب فشل تمرير قانون التمويل للسنة المالية 2025، ما أدّى إلى إيقاف آلاف الخدمات الحكومية وإجازة إجبارية لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين.
هذا الإغلاق، الأول من نوعه منذ سبع سنوات، يُعدُّ صدمة اقتصادية تتجاوز الحدود، حيث يُقدّر تكلفته بمليارات الدولارات أسبوعياً مع امتداد تأثيره للأسواق العالمية والإقليمية. يبرز هذا الحدث الحاجة الماسة إلى آليات تمنع مثل هذه التعطيلات، لأن أضرارها الاقتصادية تهدد النمو العالمي ويجب إنهاؤها فوراً لتقليل الخسائر.
يبدأ الضرر الاقتصادي داخل الولايات المتحدة بسرعة مذهلة، حيث يخسر الناتج المحلي الإجمالي مبالغ ضخمة وتعطل الإنفاق الاستهلاكي.
توقف جمع البيانات الحكومية يسبب عدم يقين في الأسواق، حيث يؤجل إصدار تقارير الوظائف والتضخم، ويُبطئ الاستثمارات والمصروفات في قطاعات مثل السياحة والسفر بنحو مليار دولار أسبوعياً. هذه الخسائر تمثّل تهديداً حقيقياً لجهاز الاقتصاد الأميركي الذي لا يزال يتعافى من جائحة كوفيد، ما يجعل كل يوم إغلاق حملاً إضافياً.
ولا يقتصر تأثير الإغلاق في الاقتصاد الأميركي فقط؛ إذ يُحدث موجة صدمة عالمية تهدد النمو الدولي والأسواق المالية وسط الترابط الاقتصادي العالمي. يُقدّر الخبراء أن استمرار الإغلاق أسبوعاً يمكن أن يقلل النمو العالمي بنسبة 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية، مع تأخير البيانات الأميركية التي تزيد تقلبات البورصات العالمية وتبطئ تدفق الاستثمارات.
يؤثر الإغلاق في قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة، ما ينعكس على أسعار الفائدة العالمية ويعوق الاستثمارات في الأسواق الناشئة. بالإضافة لذلك، يشكّل الاستهلاك الأميركي نسبة كبيرة من الناتج المحلي للولايات المتحدة، ويؤثّر بشكل ملموس في الطلب على الواردات، ما يضر بالدول المصدرة مثل الصين وأوروبا. هذا التعطيل يعكس هشاشة الاقتصاد العالمي، ويُبرز الحاجة إلى تنسيق دولي لتخفيف الأضرار.
على الصعيد الإقليمي، يعاني الشرق الأوسط تداعيات مباشرة بسبب ارتباط اقتصاده بالولايات المتحدة، خصوصاً في أسواق الطاقة والعملات المرتبطة بالدولار. تسبب الإغلاق في زيادة عدم اليقين بأسواق الخليج، مع ارتفاع طفيف في الأسعار ومخاوف من تأثير سياسات النقد الأميركية في التكاليف المالية والاستثمارات.
أدّى الإغلاق إلى تقلبات في أسعار النفط أثقلت كاهل الدول المستوردة مثل مصر والأردن، بينما يعوق جهود الدول المنتجة في تنويع اقتصادها. كذلك، تأخير البيانات الاقتصادية الأميركية أثّر في معنويات وول ستريت، وانتقلت تداعيات ذلك إلى أسواق دبي وأبوظبي، ما يبطئ المشاريع الاستثمارية ويرفع التضخم الإقليمي.
هذه التداعيات تعزّز الحاجة إلى تنويع الشراكات الاقتصادية في المنطقة وتقوية الاحتياطيات المالية لمواجهة الصدمات المستقبلية.
في الختام، يُعتبر الإغلاق الحكومي الأميركي كارثة اقتصادية تؤثّر بالسلب في الولايات المتحدة والعالم، مع خسائر فادحة في النمو وزيادة البطالة داخل البلاد، وتداعيات عالمية وإقليمية تهدد الاستقرار المالي.
الأضرار الضخمة تُشير إلى ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة مثل آليات تمويل الطوارئ لمنع تكرار مثل هذه التعطيلات، وضمان استمرارية تدفق الاقتصاد العالمي. مع احتمال تغيّر تقديرات الخسائر حسب مدة الإغلاق وتطور الأوضاع السياسية، تبقى الحاجة مُلحّة لوضع حلول سريعة وفاعلة. أدعو الجهات المعنية إلى العمل السريع لإنهاء الإغلاق واستعادة الثقة والنمو الاقتصادي دون مزيد من التأخير.