الذهب يتجه نحو 5000 دولار.. ما هي أفضل الطرق للاستثمار في المعدن النفيس؟
سجّل الذهب ارتفاعاً قياسياً جديداً متجاوزاً حاجز 4000 دولار للأونصة، في مستوى تاريخي أثار موجة اهتمام واسعة في «وول ستريت».
ومع صعود المعدن النفيس إلى مستويات غير مسبوقة، دعا مدير صندوق التحوط الشهير راي داليو المستثمرين إلى تخصيص ما يصل إلى 15% من محافظهم الاستثمارية للذهب، في ظل تصاعد الديون والتضخم والإنفاق الحكومي، وهي عوامل قال إنها تقوّض الثقة بالأصول الورقية والعملات التقليدية.
ويرى محللون أن مسار الذهب الصاعد لم يبلغ ذروته بعد. وقال إد يارديني، رئيس «يارديني ريسيرش»، في مذكرة نُشرت الأربعاء: «نستهدف حالياً مستوى 5000 دولار في عام 2026، وإذا واصل الذهب هذا الاتجاه فقد يصل إلى 10 آلاف دولار قبل نهاية العقد».
ويعزو الخبراء هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها توجه الفدرالي نحو خفض معدلات الفائدة، والضبابية السياسية في الولايات المتحدة، إلى جانب موجة قوية من مشتريات البنوك المركزية وتجدد الاهتمام المؤسسي بالمعدن النفيس.
لكن نِكي شيلز، رئيسة استراتيجية المعادن في شركة «إم كيه إس بامب»، حذّرت من أن تجارة الذهب قد تكون باتت مزدحمة، قائلة: «ارتفع الذهب بسرعة كبيرة جداً —نحو 500 دولار خلال 25 يوماً— وأصبح أعلى بنسبة 25% من متوسطه المتحرك لـ200 يوم، وهو مستوى تاريخياً ما يكون ارتفاعه فوق 20% مؤقتاً»، متوقعة تصحيحاً نحو 3600 دولار.
طرق الاستثمار في الذهب يشير خبراء الاستثمار إلى أن الخيارات أمام المستثمرين تختلف وفقاً لأهدافهم ومخاطرهم، وتشمل:
الذهب المادي (سبائك ومجوهرات): يُعد خياراً مناسباً لمن يبحثون عن الاحتفاظ طويل الأجل، خصوصاً للأسر التي تسعى إلى نقل الثروة عبر الأجيال. إلا أن الاحتفاظ بالذهب المادي يتطلب مرافق تخزين آمنة، كما أن إعادة بيع المجوهرات غالباً ما تتم بخصم عن السعر الفوري بسبب تكاليف التصنيع وهوامش البيع بالتجزئة.
صناديق المؤشرات المتداولة: يرى مديرو الثروات أنها الطريقة الأكثر عملية للمستثمرين الأفراد والمؤسسات للحصول على تعرض مباشر لسعر الذهب. يقول إيدي لوه، المدير التنفيذي للاستثمار في مجموعة «ماي بنك»: «إذا أردت التعرض للذهب ضمن محفظة متعددة الأصول، فإن صناديق المؤشرات المتداولة هي الخيار الأفضل، فهي سائلة ومنخفضة التكاليف وتتابع السعر بدقة».
أما برايان أرسيسي، مدير المحافظ في «فورد لإدارة الأصول»، فأكد أهمية اختيار صناديق مدعومة فعلياً بالذهب المادي وليس من خلال المشتقات المالية، تجنباً لمخاطر الأطراف المقابلة.
قال خبراء الاستثمار إن على المستثمرين إدراك الاختلافات بين أنواع صناديق المؤشرات المتداولة وآليات تعرضها للذهب، مؤكدين أهمية إجراء فحص دقيق قبل اختيار الصندوق المناسب، إذ «ليست جميع صناديق المؤشرات متساوية»، بحسب ما أوضح محللو السوق.
وقال جون شامباليا، الرئيس التنفيذي لشركة «سبروت لإدارة الأصول»، إن الصناديق المدعومة فعلياً بالذهب تُعد «الطريقة الأسهل والأكثر ملاءمة للوصول إلى سبائك الذهب المعتمدة من بورصة لندن»، مشيراً إلى صندوق «سبروت فيزيكال غولد تراست» المتداول في نيويورك وتورنتو، والذي تُخزَّن سبائكه في دار سكّ العملة الكندية الملكية.
أسهم شركات تعدين الذهب يمكن أن تحقق أسهم شركات تعدين الذهب مكاسب مضاعفة إذا واصل الذهب ارتفاعه، لكنها تحمل في الوقت نفسه مخاطر من نوع مختلف، وفقاً لاستراتيجيي السوق.
وأوضح برايان أرسيسي، مدير المحافظ في «فورد لإدارة الأصول»، أن أسهم شركات التعدين «ذات بيتا مرتفعة نسبياً، ما يعني أن أسعارها أكثر تقلباً بكثير من سعر الذهب نفسه». ومع ذلك، أشار إلى أن «بعض هذه الأسهم لا تعكس السعر الفوري الحالي، ما قد يؤدي إلى مفاجآت إيجابية في الأرباح إذا استقر الذهب عند 4000 دولار».
وبحسب بيانات «إل إس إي جي»، ارتفع مؤشر «NYSE Arca Gold Miners»، الذي يتتبع أداء أكبر شركات تعدين الذهب المدرجة عالمياً، بنسبة 126% منذ بداية العام، فيما صعد مؤشر «MVIS Global Junior Gold Miners» بنسبة 137% خلال الفترة نفسها، في حين ارتفع الذهب الفوري بنسبة 53%.
غير أن الاستثمار في أسهم التعدين يحمل مخاطر تشغيلية خاصة بكل شركة، إذ حذّر إيدي لوه، المدير التنفيذي للاستثمار في مجموعة «ماي بنك»، من أن «مشكلات مثل الفيضانات أو الحوادث يمكن أن تعرقل العوائد حتى في ظل ارتفاع أسعار الذهب».
أما للمستثمرين الراغبين في نهج أكثر تنويعاً، فيوصي شامباليا بصندوق «سبروت غولد ماينرز ETF» (SGDM)، الذي يضم عدداً من أكبر منتجي الذهب عالمياً. لكنه ومعه يورغ كينر، الرئيس التنفيذي لشركة «سويس آسيا كابيتال»، حذّرا من أن بعض صناديق التعدين الشهيرة مثل «VanEck Gold Miners ETF (GDX)» و«VanEck Junior Gold Miners ETF (GDXJ)» قد تكون مناسبة للمتداولين على المدى القصير، لكنها ليست بالضرورة خياراً مثالياً للاستثمار طويل الأجل بسبب تكاليف إضافية مثل رسوم الإدارة، وتغير مكونات المحافظ، وفروق أسعار التداول.