بعد أعلى مستوى خلال 40 عاما... ماذا تحمل الفضة للمستثمرين؟
وسط موجة من التوترات وتفاقم حال عدم اليقين الاقتصادي، على رغم قرب إنهاء الإغلاق الحكومي الأميركي، سجلت أسعار الفضة ارتفاعاً ملاحظاً في الأسواق العالمية خلال التعاملات الأخيرة، مدعومة بتزايد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيواصل سياسة التيسير النقدي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وبحسب تقرير صادر عن مركز "الملاذ الآمن" فقد ارتفع سعر أوقية الفضة من 48 إلى 51 دولاراً، بعد أن كانت قد لامست منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مستوى 55 دولاراً هو الأعلى منذ أربعة عقود، لتواصل مكاسبها مستفيدة من توقعات خفض أسعار الفائدة.
وتضع الأسواق احتمالاً الآن بنسبة 64 في المئة تقريباً بأن الفيدرالي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعات الشهر المقبل، وذلك بعد أن كانت التوقعات بنسبة 90 في المئة قبل اجتماعه الأخير الذي شهد خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس وحسب.
60 في المئة من الطلب العالمي للاستخدامات الصناعية وتأتي مكاسب أسواق الأصول والملاذات الآمنة وسط مؤشرات اقتصادية أميركية ضعيفة، أبرزها تراجع مؤشر ثقة المستهلك في "جامعة ميشيغان" إلى 50.3 خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وهو أدنى مستوى منذ منتصف عام 2022، إضافة إلى انخفاض التوظيف وضعف مبيعات التجزئة.
ويرى التقرير أن هذه التطورات تعزز التوقعات بأن الفيدرالي الأميركي سيركز على دعم النمو الاقتصادي بدلاً من التشدد في مواجهة التضخم، وهي بيئة عادة ما تكون مواتية للمعادن الثمينة.
وفي سياق متصل أسهم الحل الجزئي لأزمة الإغلاق الحكومي الأميركي في تحسين معنويات المستثمرين على رغم استمرار المخاوف في شأن تبعاته الاقتصادية، إذ أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون التمويل بغالبية 60 صوتاً في مقابل 40 تمهيداً لإعادة فتح الوكالات الفيدرالية خلال الساعات المقبلة، لكن تأخر صدور البيانات الاقتصادية الرسمية قد يعوق تقييم الفيدرالي الأميركي لأداء الاقتصاد. أما في سوق العملات فقد استقر مؤشر الدولار الأميركي حول مستوى 99.60 نقطة في انتظار إشارات جديدة من مسؤولي الفيدرالي الأميركي، بينما حذر بنك "آي إن جي" من أن الأسواق قد تقلل من تقدير أخطار تراجع الدولار في حال عودة البيانات للظهور وضعف مؤشرات النمو.
وأكد التقرير أن الفضة تظل مدعومة بمزيج من الطلب على الملاذ الآمن والتوقعات النقدية المتساهلة، على رغم أن تحسن المشهد السياسي قد يحد من وتيرة الصعود.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 60 في المئة من الطلب العالمي على الفضة يأتي من الاستخدامات الصناعية، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية، مما يجعلها حساسة للتقلبات الاقتصادية والابتكارات الصناعية.
وأشار التقرير إلى أن العجز في المعروض من الفضة مستمر للعام الخامس نتيجة ارتفاع الطلب الصناعي واستنزاف المخزونات فوق الأرض إلى مستويات حرجة، وفي ظل الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لجأت البنوك وصناديق الاستثمار إلى تخزين كميات كبيرة من الفضة في نيويورك تحسباً لأي قرارات مفاجئة.
قرار أميركي يجعل الفضة احتياطاً إستراتيجياً في المقابل أدى الطلب الهندي القياسي إلى تراجع المعروض في لندن وارتفاع معدلات تأجير الفضة إلى مستويات تاريخية تجاوزت 34 في المئة خلال الشهر الماضي، مع ظهور ظاهرة التراجع السعري نتيجة ارتفاع الأسعار الفورية بوتيرة أسرع من العقود الآجلة، لكن إدراج الفضة ضمن قائمة المعادن الحيوية الأميركية يعزز مكانتها كاحتياط إستراتيجي، إذ أعلنت الحكومة الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي تحقيقاً بموجب المادة (232) لدرس سلاسل توريد المعادن الحيوية وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما قد يرفع تقلبات السوق ويزيد الضغط على الإمدادات.
وحذر التقرير من أن استمرار صعود الأسعار قد يدفع شركات الطاقة الشمسية إلى ترشيد استهلاك الفضة في الألواح، نظراً إلى أنها تمثل نحو 15 في المئة من كلفة الإنتاج، وقد يتجه بعض المصنعين إلى استخدام النحاس كبديل على رغم أن التقنية لا تزال محدودة التجارب.