الذهب والفضة عند قمم تاريخية: ما الذي يقف خلف هذا الزخم في الأسواق العالمية؟

الذهب والفضة عند قمم تاريخية: ما الذي يقف خلف هذا الزخم في الأسواق العالمية؟

التاريخ 2025-12-22 15:24:52
المصدر: investing.com

نشهد اليوم في سوق المعادن الثمينة تحركات لافتة، حيث سجل كل من الذهب والفضة ارتفاعات تاريخية غير مسبوقة. فقد اخترقت أونصة الذهب مستوى 4423.2 دولارًا، في إشارة واضحة إلى استمرار الزخم الصاعد، بينما تتداول أونصة الفضة حاليًا بالقرب من 69.16 دولارًا، مدعومة بتزايد الطلب الاستثماري والصناعي في آن واحد.

تشير هذه المستويات إلى مرحلة مفصلية في أسواق المعادن الثمينة، حيث لا تبدو التحركات الحالية معزولة عن السياق الاقتصادي العالمي، بل تعكس تفاعل مجموعة من العوامل النقدية والمالية التي دفعت المستثمرين إلى إعادة تقييم دور الذهب والفضة داخل المحافظ الاستثمارية.

في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز الأسباب التي تقف خلف هذا الصعود، ولماذا يراقب السوق هذه المستويات التاريخية بحذر.

زخم صاعد مدعوم بعوامل أساسية

التحركات الأخيرة في الذهب والفضة لا تبدو ناتجة عن مضاربات قصيرة الأجل فقط، بل تتزامن مع تغيرات أوسع في المشهد الاقتصادي العالمي.

أحد أبرز هذه العوامل هو إعادة تسعير توقعات أسعار الفائدة، حيث بدأت الأسواق تميل إلى سيناريو أقل تشددًا مقارنة بالفترات السابقة. فعندما تتراجع احتمالات رفع الفائدة أو يزداد الحديث عن تثبيتها لفترة أطول، تميل الأصول التي لا تدر عائدًا مباشرًا – مثل الذهب والفضة – إلى اكتساب جاذبية أكبر، بوصفها أدوات تحوط في بيئة تتسم بتقلبات مرتفعة.

دور توقعات المؤسسات المالية الكبرى

خلال الفترة الماضية، أشارت تقارير صادرة عن مؤسسات مالية عالمية، من بينها بنوك استثمارية كبرى، إلى أن الذهب لا يزال مدعومًا بعوامل هيكلية طويلة الأجل.

وتشمل هذه العوامل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتباطؤ بعض مؤشرات النمو العالمي، إضافة إلى التحولات الجارية في سياسات البنوك المركزية.

ورغم أن هذه التوقعات لا تحرّك السوق بشكل مباشر، إلا أنها تؤثر بوضوح على سلوك المستثمرين المؤسسيين، الذين ينظرون إلى الذهب كأداة تحوط أساسية في بيئة تتسم بتغير موازين المخاطر وعدم وضوح المسار النقدي.

الفائدة الحقيقية وضعف العائدات

عامل آخر لا يقل أهمية هو الفائدة الحقيقية، أي الفائدة بعد احتساب معدلات التضخم.

حتى مع بقاء أسعار الفائدة الاسمية عند مستويات مرتفعة نسبيًا، فإن استمرار التضخم يقلّص من جاذبية العائد الحقيقي على الأدوات النقدية، ما يدفع جزءًا من رؤوس الأموال إلى البحث عن بدائل لحفظ القيمة، وفي مقدمتها المعادن الثمينة.

ويفسّر هذا العامل سبب قدرة الذهب والفضة على الحفاظ على زخمهما الصاعد حتى في فترات لا يشهد فيها الدولار تراجعًا حادًا.

العلاقة مع الدولار الأمريكي

تقليديًا، تتحرك أسعار الذهب بعلاقة عكسية مع الدولار الأمريكي.

وخلال الفترات التي يفقد فيها الدولار جزءًا من زخمه الصاعد، سواء نتيجة بيانات اقتصادية أضعف من المتوقع أو تغير نبرة البنوك المركزية، تستفيد المعادن الثمينة من هذا التراجع.

كما أن ضعف الدولار يجعل الذهب والفضة أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى، ما يعزز الطلب العالمي عليهما ويضيف دعمًا إضافيًا للأسعار.

الفضة: معدن صناعي وملاذ مزدوج

على عكس الذهب، تتميز الفضة بكونها معدنًا صناعيًا واستثماريًا في آن واحد.

فإلى جانب دورها كملاذ نسبي في أوقات عدم اليقين، تستفيد الفضة من الطلب الصناعي المتزايد، خصوصًا في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.

هذا البعد المزدوج يجعل تحركات الفضة في كثير من الأحيان أكثر حدة من الذهب، سواء في الصعود أو خلال فترات التصحيح، وهو ما يفسر تسارع الزخم الظاهر في أدائها الأخير.

هل تعكس القمم الحالية اتجاهًا مستدامًا؟

رغم الزخم القوي، لا يخلو المشهد من احتمالات التذبذب أو التصحيح، خاصة إذا جاءت بيانات اقتصادية مفاجئة أو تغيرت توقعات السياسة النقدية بشكل حاد.

إلا أن ما يميز المرحلة الحالية هو أن الصعود مدعوم بأكثر من عامل واحد، وليس نتيجة حدث عابر أو مضاربة مؤقتة.

لذلك، يركّز المستثمرون حاليًا على مراقبة مجموعة من المؤشرات الرئيسية، أبرزها:

بيانات التضخم المقبلة
تصريحات البنوك المركزية
تحركات الدولار الأمريكي
العوائد على السندات الحكومية

بوصفها مفاتيح أساسية لتحديد ما إذا كان هذا الزخم قابلًا للاستمرار خلال الفترة المقبلة.

الخلاصة

إن تسجيل الذهب والفضة لمستويات تاريخية يعكس تحولًا واضحًا في نظرة السوق إلى المخاطر والعوائد، في بيئة اقتصادية عالمية لا تزال تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين.

وبين توقعات المؤسسات المالية الكبرى، تغير مسار الفائدة، والدور المتنامي للمعادن الثمينة كأدوات تحوط، يبقى الذهب والفضة في صدارة اهتمام المستثمرين، مع ترقّب حذر لما تحمله البيانات الاقتصادية القادمة.

هل تتوقع استمرار الارتفاع في المعادن؟ ام انها فقاعة وسوف تنفجر قريباً؟

حمل تطبيق eDahab

ابق على اطلاع بآخر أسعار الذهب والعملات على جهازك المحمول.

Download eDahab from play store Download eDahab from app store